الخميس، 16 يناير 2014

لماذا خلق الله الشر ؟




يطرح الملحدين هذا السؤال كثيراً حتى ينسبون الشر حسب زعمهم الى الله أي أن الله شرير لإن الله هو من خلق الشر وحاشا لله من مثل هذا الإدعاء ولله المثل الأعلى وحتى يستقطبون أصحاب القلوب الضعيفة الى الإلحاد من ناحية عاطفية يسيطرون من خلالها على العقول التي لا تكلف نفسها عناء التفكير بشكل سليم ومنطقي يطرحون عليهم مثل هذا السؤال

وأرغب أن أعطي الردود المناسبة والتعقيب بشكل لائق بالعديد من الأجوبة على هذا السؤال لكن لا بد من
أن أبين وأشرح بعض الأمور حتى يتمكن الجميع بمختلف الأعمار والعقول من استيعاب وفهم الجواب بشكل مبسط وسهل لإنه كما تعلمون أن عقول الناس مختلفة بالتفكير والإستنتاج وتحليل المواضيع واصدار الاحكام والقرارات 
عن بعضها البعض فإن استيعاب عقل الطفل الصغير مختلف تماماً عن عقل الشخص الكبير وارضاء الناس غاية لا تدرك

ما هي غاية الملحدين من طرح هذا السؤال :
1- أن ينسبون الشر لله تعالى لإنه خلق الشر

2- أن ينسبون النقص والعلة في قدرة الله تعالى
الله لا تحكمه قيود فهو مطلق الإرادة لإن قول الملحدين أن الله خلق الشر ولم يذكروا أن الله أيضاً خلق الخير هذا يعني أن
إرادة الله محكومة بالشر وإرادته محدودة ولكن أرادة الله مطلقة وليست محكومة بالشر لأن الله خلق الشر وخلق الخير  فإرادة الله ليست محكومة بل هي مطلقة في مشيئته وحده ومع أن الإنسان حر في إختيار قراراته بكامل إرادته 

إما أن يتخذ طريق الخير أو طريق الشر لكن جزائه وعقوبته مملوكة بقدرة الله ومشيئته (( إِمَّا يُعَذِّبهُمْ وَإِمَّا يَتُوب عَلَيْهِمْ ))

ومع أن الإنسان حر في إتخاذ قرارته سواء قول أو فعل أو سلوك وتصرف ما لكن حتى في هذه المسألة فإن حرية الإنسان مقيدة فمثلاً :
كون أن الإنسان عاجز عن إدارك علم الغيب ولا يعلم ماذا سوف يحدث في اليوم التالي فحرية الإنسان مقيدة بإرادة الله لإن المسألة غيبية قد تخطط لشيء ما لتنفذه في اليوم التالي وقد أجريت دراساتك وتخطيطاتك بشكل محكم ومتقن وتنوي السفر الى بلد ما .. لكن اليوم أو في اليوم التالي
الذي تنوي به السفر والقيام بجميع ما قد كنت خططت له قد تنسى ما كنت تنوي فعله أو قد تموت ثق تماماً أنك محدود في معرفة المستقبل والغيب قد تختار ما تريد ولكن الله يفعل ما يريد
(( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَداً ))

(( إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ))
عزيزي الملحد إن إرادتك محدودة ولكن إرادة الله مطلقة

خلق الله الإنسان كائناً حر مريدًا وأعطاه فرصة دائمة لإتخاذ القرار دون إلغاء لمشيئت الله إن الله قادر على أن يسلب من الإنسان الحرية وما يزال لكن إلله لا يريد أن يكون الإنسان مقيد الحرية مجرد دمى أو قطع شطرنج يتم التحكم بها أو السيطرة عليها أو إذلالها بل يريدهم أحراراً لهذا فالأفضل أن تعترف بضعفك ومحدوديتك وتعود إلى الله طالباً منه التوبة والمغفرة وأن ينور بصيرتك ويرشدك الى الخير

وقبل أن يتطرق الملحد الى أن يطرح علينا هذا السؤال عليه أولاً أن يسأل نفسه
هل الله خلق الشر بدون وجود ما يتقارن به بشكل مضاد وهو الخير ؟

لو أن الله خلق الشر بدون وجود ما يتم مقارنته عكس الشر وهو الخير لأصبح مفهوم وجود الحياة البشرية منعدم تماماً لكن من حكمة الله تعالى أن خلق الشر والخير حتى يكون هذا الكون متوازن وغير متأرجح ينصب في كفة غير عدلية وحتى أوضح كلامي سوف أضع لكم مثال بسيط جداً :

المغناطيس له جانبين :
جهة
التنافر وجهة التجاذب

لنتخيل أن المغناطيس من جهة التنافر هو الشر وأن جهة التجاذب هو الخير إذا فقد المغناطيس إحدى جوانبه سوف يفتقد خاصيته بشكل مباشرة ولن يعود له أية أهمية ولن يصلح استخدامه بشكل عملي ليتم الانتفاع منه وكذلك الكون إن فقد توفر وجود الخير أو الشر سوف يفقد توازنه مباشرة وسوف نصبح بدوامة لا مخرج منها إلى السراب والدمار وإبادة الحياة البشرية ولكانت الحياة إنعدمت منذ نشأتها وهذا مما يدل على أن الكون لم يخلق بالصدفة ومن تلقاء نفسه بدون مدبر ومسير له ضمن قوانين عدلية حكيمة متوازنة ومتقنة ولن نستطعم لذة المتعة في هذه الحياة وأولها طعم الحرية وسوف أبين الأسباب التي تتعلق بموضوع الحرية

أولاً ما هو الشر وما هو الخير ؟ 
 الكثير من الناس بحثوا وما زالوا يبحثون عن جواب متكامل لهذا السؤال وأنا واحد من أولائك الناس لكنني توصلت إلى جواب إقتنعت به أخيراً عندما فكرت ملياً بهذا الموضوع سوف أضع لكم الأجوبة التي طرحها العديد ممن قبلي والمشهورة بكثرة بين الناس ومن ثم سوف أضع إجابتي الشخصية

القول الأول :

الشـــــر

لغة : فعله شرَّ يشر ويشُر بكسر الشين وضمها وهو نقيض الخير ولا يقالَ ضده لآن الضدين لا يجتمعان وقد يرتفعان معا وهذا هو شأن الخير والشر فلا يجتمعان ولا يرتفعان معا وجمعه شرور وقوم أشرار
واصطلاحاً: الشر صفة أخلاقية للفعل الذى يقع على خلاف الطبع ، وهو عدم ملاءمة الشيء لطبعه

القول الثاني :


الشر: هو نقيض الخير وهو موضوع الإستهجان والذم ويرى بعضهم ان الشر والخير يرتبطان بفعل الانسان
الخير : هو كل ما يبعث الرضا و الاستحسان والخير عند أرسطو مطابق للفضيلة ويرى بعضهم أن الخير قيمة من طبيعة الفعل الإنساني لا تتغير بتغير الزمان والمكان



رأيي بجوابي ونظرتي الشخصية لمفهوم الخير والشر هي ما يلي :
إن الطاقة الكامنة للشر و الخير تكمن في ((أنفسنا)) تزيد وتنقص بحسب مشاعرنا وردود فعلنا وقابليتنا لتصور وتخيل الأفكار التي نحولها إلى عزيمة نحدث بها أنفسنا على تنفيذها أو التراجع عنها وهي ما تسمى بحديث النفس أي أنك تتحدث الى ضميرك إن كانت شر فهي (( الوسوسة )) من ثم نحولها إلى إرادة من ثم إلى قرار نهائي من ثم إلى سلوك على شكل فعل يصدر منه حدث تشملها كلمة واحدة وهي ((النية))  وقرارنا بإختيار السلوك الصادر منا هو ((قمة الحرية)) لإننا إخترنا ما نريد بقرار نابع من أنفسنا ننميها في قلوبنا وعقولنا ونفوسنا واعطينا من خلالها نتيجة على شكل فعل أو حدث أو كلام إما شر أو خير 

الشر و الخير هما شيئين غير ظاهرين ولا يتم مشاهدتهما ولا يتم لمسهما باليد قبل أن يصدرا ويتشكلا على شكل فعل أو حدث أو كلام ولكن يمكننا الشعور والإحساس بهما بإنفسنا في أعماقنا قبل أن يصدرا منا فعندما أجمع بإفكاري من منبع قلبي الكراهية اتجاه شخص ما قد أكون أتمنى أن يموت أمامي لا سمح الله أكون الأن استشعرت وجود الشر بإعماق نفسي لكنني لم التمس هذا الشعور بيدي وسوف أشعر بنبضات قلبي تتسارع أو تتخافت حسب تخيلاتي العقلية وتصوراتي لطريقة موت ذلك الشخص قد أكون رأيت هذا الشخص يموت لكن هذه الصورة غير حقيقية لإنها مجرد تخيلات بتصورات وادراك عقلي المحدود كنت أحدث بها نفسي لكن على أرض الواقع ما زال ذلك الشخص على قيد الحياة وسوف أنتقل على نفس هذا المثال الى موقف أخر على نفس الشخص الذي أتحدث عنه لنفترض انه كان يمشي من أمامي عبر الشارع وحصل له حادث وصدمته سيارة لا سمح الله و بتلك اللحظة أنا شعرت بحزن شديد لما أصابه وذهبت لإسعافه وحاولت إنقاذه أصبح لدي شعور لا إرادي واصبح لدي ردة فعل إيجابية فيها خير عندما هممت لمساعدته وبكل الحالات سواء بتوفر الشر والخير فإن منبعهما الرئيسي هي الحواس ومن ثم يستشعرها القلب والذي يعمق هذا الشعور ويصدقه هي التصورات العقلية يخزنها عقلي على هيئة صور أو أحداث أرغب بحصولها تصبح مع الوقت أوامر تصدر من العقل إلى الجسد لتنفيذها والقلب يحبها ويرغب بها ويصبح العقل هو المسؤول عن اتخاذ القرار بإستخدام الخير أو الشر  نحن فقط من نصنع الشر و الخير ونحن من نحفز ونشجع أنفسنا والأخرين عليهما نحن صناع الشر و الخير ونحن صناع القرار بإمكاني أن أشاهد ذلك الشخص يموت أمامي بعد تعرضه للحادث وأتشمت به ولا القي له بال ولا اساعده وقد أدوس على جراحه ليشعر بالمزيد من الآلم وأكون سعيد بسوء الشر الذي ارتكبته ضده وقد أعاتب نفسي والومها لإنني لم أساعده ولإنني تسببت بإذائه وهذا ما يسمى بعلم النفس تأنيب الضمير أو تأنيب الذات و بإمكاني أن أشعر بمعاناته من ناحية إنسانية واساعده بكل طاقتي وقوتي وأحزن عليه بسبب ما حصل له وأكون مطمئن وسعيد لإنني ساعدته

(( أنا = أنا = أنا الخير و أنا الشر أنا من صنعت وإتخذت قراري ))

لكن من أنا على حقيقتي من أنا الإنسان ما هي النفسية البشرية التي أرغب أن أكون عليها ؟

أنا حر بإمكاني أن أكون كما أريد وأن أجعل من نفسي النفس التي أريدها
فإن الله منحني الحرية في إختيار الجانب الإنساني لذاتي كيف ذلك ؟

من خلال قول الله تعالى :
 (( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ))

المقصود بالنجدين : طريقا الخير و الشر
قال ابن كثير في تفسيره : وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ : الطريقين

قال سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله :
وهديناه النجدين قال : الخير و الشر

 ((ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها))
إن الله تعالى أخبرنا عن طبيعة النفس البشرية وحددها بثلاث أيات في القرأن الكريم 

النفس الأمارة بالسوء :
((وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)) 

النفس الأمارة بالسوء :
هي التي يغلب عليها اتِّباعُ هواها بفعل الشر والذنوب والمعاصي وتأمر بهم


النفس اللوامة :
((
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ))


النفس اللوامة :
وهي التي تُذنب وتتوب فعندها خير و شر لكن إذا فعلَتِ الشر تابت وأنابت فتُسمَّى لوامة لأنها تلوم صاحبها على الذنوب ولأنها تتلوم - أي : تتردد - بين الخير والشر



النفس المطمئنة :
((
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً))


النفس المطمئنة :
وهي التي تحب الخير والحسنات وتريد ذلك وتبغض الشر والسيئات وتكره ذلك وقد صار ذلك لها خُلقًا وعادة


كل واحد منا لينظر في أعماق نفسه وليخاطب نفسه أنا من أكون من بين تلك النفوس البشرية هل أنا محب للشر هل أنا محب للخير هل أنا ما بينهما متقلب ما بين الشر والخير أنتم أصحاب القرار وأنتم من تحكمون على أنفسكم لإنكم أعلم بإنفسكم من غيركم بكم أحكموا على أنفسكم قبل أن تصدروا الأحكام على الأخرين وسلوكياتهم وتصرفاتهم ((أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك))

قال الله تعالى : ((قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها))

الأسئلة التي تطرح نفسها
هل الله هو الذي خلق الشر ؟
هل يوجد فائدة ننتفع بها من الشر ؟
هل الشر سيء وسلبي دائماً ؟
هل الخير جيد وإيجابي دائماً ؟
هل يمكننا نحن البشر السيطرة على الشر والتحكم به واستخدامه بشكل إيجابي يعود بالمنفعة علينا وأن لا نستخدمه بشكل سلبي ؟


هل الله هو الذي خلق الشر ؟
نعم إن الله هو خالق الشر لكن وضع له قوانين وضوابط فبما ان الشر تم منعنا عن الامتثال به واستخدامه بشكل سلبي وضعت له قوانين وضوابط وعقوبات تردعنا عن استخدامه بشكل سيء وسلبي وكذلك الخير وضعت له قوانين وضوابط وجزاء تشجع وترغب على استخدامه بشكل صحيح


 إن سؤالك يا عزيزي الملحد لماذا خلق الله الشر هو إقرار منك  
وإيمان عن يقين بوجود الله طالما أنك أقررت أن الله خلق الشر فأنت تؤمن بوجود خالق لكنك تجهل أن الله جعل للشر وللخير قوانين وضوابط وعقاب وجزاء
هل يوجد فائدة ننتفع بها من استخدام الشر ؟
نعم يوجد فائدة ننتفع بها من استخدام الشر سوف أوضح ذلك من خلال المثال التالي بشكل مبسط وسهل جداً :

من المعروف أن ألفرد نوبل اخترع الديناميت وان استخدام الديناميت في أغلب الأحيان مدمر وقاتل لا محالة وهو يعد من أكثر أنواع وسائل الشر التي يتم استخدامها كوسيلة على مستوى العالم وقد أصبح لفترة طويلة كابوس مقلق ومزعج ومهدد لإمن وإستقرار العديد من شعوب دول العالم

إن الوسيلة هي الغاية والغاية هي أصل الموضوع إما شر أو خير

إن ألفرد نوبل اخترع الديناميت في سنة 1867

كان ألفرد نوبل يعلم وعن يقين مدى حجم الدمار الذي سوف يلحق به استخدام  الديناميت لكن لم يكن ينوي إستخدام الديناميت في أمور تتعلق بالشر لقتل البشر والدمار وإنما في امور تتعلق بالخير لخدمة الإنسانية وينقذ حياة أرواح العديد من البشر من خلال استخدام الديناميت كيف ذلك ؟


لقد كان يتعرض الكثير من عمال مناجم الفحم والذهب الى الاختناق أو الموت بسبب سقوط وانهدام المناجم فوقهم أثناء التنقيب تمكن من اختراع الديناميت حتى يتم استخدامه لتوفير الوقت في التنقيب وللحفاظ على أرواح العمال يتم استخدام الديناميت بشكل أمن بعيد عن الحاق الخسائر بالممتلكات والأرواح البشرية فمن خلال اختراعه هذا اراد أن يتم استخدام الديناميت من ناحية فيها
خير تعود بمنفعة الناس لكن مع التقدم والتطور اصبح الديناميت أكثر خطورة حيث تم استخدامه بشكل سلبي للشر في الحروب وتطورت الامور الى اختراع وابتكار متفجرات اقوى بكثير من الديناميت مثل القنبلة الذرية والقنابل النووية مع العلم أن القنبلة الذرية تم اسقاطها في تاريخ 6 أغسطس 1945 

ولكن بالنسبة إلى ألفرد نوبل عندما بدأت الأحداث تتواكب بشكل سلبي تنعكس بالأضرار على الأرواح البشرية أراد أن يحفز الناس على فعل الخير من خلال جائزته المشهورة ففي 27 نوفمبر 1895 وقع نوبل وصيته الأخيرة لدى النادي السويدي النرويجي في باريس مكرسا الجزء الأكبر من تركته لتأسيس جوائز نوبل التي تمنح سنويا دون تمييز لجنسية الفائز تمنح الثلاثة جوائز الأولى في العلوم الطبيعية و الكيمياء و العلوم الطبية و الجائزة الرابعة للأعمال الأدبية والجائزة الخامسة تمنح للشخص أو المجتمع الذي يقوم بأكبر خدمة للسلام الدولي كالحد من الجيوش أو في إنشاء أو تعزيز مؤتمرات السلام


قد نلجأ في بعض الأحيان الى استخدام الشر لكن قد يكون لدينا دوافع بإستخدامه بشكل إيجابي ننتفع به وينتفع به الأخرين وليس بالضرورة أن نستخدمه بشكل سلبي يتسبب بالأذى لنا أو للأخرين


فمثلاً السكين :


يمكننا أن نقطع بها بطيخة ويأكل العديد من الناس من تلك البطيخة ويستمتعون بتذوق طعمها الرائع


ومن الممكن أن يتم استخدامها في ذبح أو قتل إنسان لا سمح الله والأمر يعود لنا حسب ما نختار فجميعنا لنا حرية التصرف لكن كما قلت لكم سابقاً فإن
الشر و الخير جعل الله لهما قوانين وضوابط و عقاب و جزاء

 
وبالمناسبة لولا وجود الخير مقابل الشر لأصبحت حرية الإنسان مقيدة وليس حر بتصرفاته وسلوكياته وأفعاله وأقواله لإننا مقيدين بالشر فقط لكن طالما أن الخير متوفر فإننا أحرار وفي قمة الحرية لإننا مخيرين بين خيارين إما الخير أو الشر وأنت المسؤول عن قراراتك اثناء اتخاذ القرار بتصرف ما وأنت من سوف يعاقب أو يجازا بالحسنة  

طالما توفرت خيارات يوجد قرار تتخذه بنفسك وإتخاذ القرار حرية بحد ذاتها


وبالمناسبة أكثر لولا وجود الشر و الخير لما أصبح داعي وجود مبرر لخلق
النار و الجنة لإنه لولا وجود ذنب لما وجد عقاب العذاب بالنار ولولا جود عمل صالح لما وجد
جزاء النعيم بالجنة إن الله وضع لنا قوانين لارشادنا ولتهذيب أنفسنا ولحفظ حقوقنا وحقوق الأخرين من خلال شريعته السماوية
 
لكن يا عزيزي الملحد هل يوجد لديك في الإلحاد قانون واحد فقط على الأقل يحفظ لك حقوقك أو حقوق غيرك ضمن ضوابط سليمة طبعاً من المعروف أن الإلحاد لا يحتوي على قوانين كل ملحد يعتمد فقط على عقله وعقول الناس تختلف وارضاء الناس غاية لا تدرك وكل انسان يحب ان يفرض نفسه وشخصه وقراراته على الأخرين وكما هو معتاد يطرحون اسئلة تبرهن مدى مستوى انحطاط عقولهم لإنهم لا يستخدمون عقولهم بالتفكير والبحث بشكل سليم وإنما بطرح الأسئلة والإنتقاد بدون وجود مبرر سوى مضيعة الوقت والسخرية ومن المؤسف والعار على الملحدين أن ينتقدوا قوانين الله والإلحاد لا يحتوي على قوانين يعني فاقد الشيء لا يعطيه



هل الشر سيء وسلبي دائماً ؟
كلا ليس دائماً سلبي فمثلاً سموم الأفاعي قد يتم استخلاصها من الأفاعي لصناعة أدوية تحتوي على مضادات حيوية لسموم أخرى أغلبنا نرتعش أو نصاب بقلق مؤقت اثناء سماعنا كلمة أفعى لإننا نعلم مدى خطورة شر سمومها اذا تعرضت لأحد الأشخاص

 قد يتعرض شخص ما الى لدغة أفعى وقد كان مصاب سابقاً بمرض عجزت فنون الطب أن تعالجه منه وقد تتسبب لدغة الأفعى له بالشفاء من ذلك المرض الذي كان به قبل ان تلدغه وتنشر بجسده سمومها الفتاكة القاتلة ويكون سمومها سبب بعلاجعه وشفائه
ومن الممكن ان يتم استخلاص علاج مضاد من نفس سموم الأفعى التي لدغته ويعالج من نفس سمومها ويكون مضاد
هذا مجرد مثال للتوضيح فقط وتتعدد الوسائل والأفكار 

ومثال أخر لقد كان قديماً في زمن الجاهلية يتم وئد البنات اي قتلهن يتم دفنهن تحت التراب وهن على قيد الحياة لأن أهلهن كانوا يعتبرون أن الفتاة شر و عار على اهلها أو يقتلونها خشية الفقر وعدم قدرتهم على اطعامهن لكن عندما جاء لهم حبيبي رسول الله محمد صل الله عليه وسلم حافظ على حياة الكثير من الفتيات
وحرر عقول أبائهن من التخلف والجهل ومنهن من قدر الله لها أن تزوجت بملك أو غني وتحسنت ظروفها وظروف عائلتها وأصبحوا أغنياء وأنجبت أبناء وأصبح أبائهن أجداد ولهم حفدة

عزيزتي المرأة أن أول شخص

طالب بتحرر المرأة ورفع من شأنها وقدرها وحافظ على حياتها وحفظ لها حقوقها
هو محمد رسول الله صل الله عليه وسلم هو من حارب وئد البنات في الجاهلية
 لكن تحررك مبني على قوانين وضوابط تساعد على احترام ذاتك لذاتك واحترام المجتمع لكي وإن أول امرأة طالبت بحقوق المرأة هي عائشة رضي الله عنها والأمثلة كثيرة لا تعد ولا تحصى بالسيرة النبوية

هل الخير جيد وإيجابي دائماً ؟
الجواب : طبعاً لا
سوف أوضح سبب إيجابتي ببعض الأمثلة
قال الحسن بن صالح :
إن الشيطان يفتح للعبد تسعة وتسعين باباً من الخير يريد بها باباً من الشر

وأول وأقرب مثال متعارف عليه لدى الجميع سوف أذكره متوفر في قصة سبب خروج آدم وحواء عليهما السلام من الجنة 

في الأية التالية يبين الله لآدم وحواء عليهما السلام أن لهما حرية مطلقة أن يتلذذوا من ثمار الجنة كما يحلوا لهم لكن وضع لهم قانون فيه أمر بتجنب الأكل من شجرة محددة ذكرها ووصفها لهم وإن تجاوزا ذلك القانون فإن لهما عقوبة 

قال الله تعالى: 
(( يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ))


إن الله أرشد أدم وحواء عليهما السلام وبين لهما أن الشيطان عدو لهما ويريد أن يتسبب بإخراجهما من الجنة وهذا يعني ان الله وضح لهم قوانينه وبين لهم عدوهم بشكل مباشر و واضح ووضع لهم عقوبات إن إنصاعا الى ابليس 

قال الله تعالى:
(( فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ))

وبعد تسلسل أحداث الأيات القرأنية الكريمة تتضح الأمور أكثر وهي خداع ابليس لآدم وحواء والكذب عليهما حتى استشعرا أنه يريد الخير لهم وأن وافقاه على نصيحته سيكونوا من الخالدين

قال الله تعالى:
(( وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين ))

لكن للإسف إن ذلك الخير الذي أراداه لم يكن خيراً لهم بل هو شر لهم بما كسبت أيديهما وافقدهما الكثير من الخير وتسبب بخروجهما من الجنة

قال الله تعالى:
 (( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين )) 

والأن جاء الدور لنا علينا أن ننتبه من مكائد الشيطان وأن نتأمل جيداً بكل تصرف وفعل وقول نقوم به وان لا نظن ان كل خير هو خير لنا ولغيرنا وان لا نظن ان كل شر هو شر لنا ولغيرنا

قال الله تعالى:
(( يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ))

هل يمكننا نحن البشر السيطرة على الشر والتحكم به واستخدامه بشكل إيجابي يعود بالمنفعة علينا وأن لا نستخدمه بشكل سلبي ؟

نعم يمكننا السيطرة على الشر والتحكم به وسوف اضع أمثلة بسيطة جداً 

قال الله تعالى:
(( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ))

هذه الأية تحدثت عن أخوين وهما قابيل وهابيل كلاهما خلق الله فيهما
الشر و الخير وعلمهما من خلال شريعته التي علمها لابوهما آدم انه يوجد عقاب لمن يخالف شريعة الله وكما قلت سابقاً أن الشر والخير وضعت لهما قوانين وضوابط لحفظ الحقوق

إن قابيل أراد أن يتعدا على أخيه ليقتله
حين قال ((
لأَقْتُلَنَّكَ )) هنا اراد قابيل ان يخالف قانون شريعة الله بالتعدي وقتل النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق واستخدم الشر بشكل سلبي
((
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ))
لاحظوا أن الأية تتحدث بصريح العبارة (( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ ))
ولم يكن اي علاقة بالتدخل الإلاهي في قتل قابيل لاخيه هابيل هو كان مخير ما بين قتل اخيه او تجنب قتله وكان بإمكانه أن يتجنب الشر بقتل اخيه وأن يتصرف بشكل إيجابي ويستخدم الخير كما فعل أخيه هابيل

حين قال هابيل لقابيل 
(( لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ))
وبنفس الوقت كليهما على يقين من وجود عقاب وجزاء ونار وجنة وكليهما امتلكا الحرية المطلقة بإستخدام الخير أو الشر وجميعنا مثلهم يمكننا استخدام الخير أو الشر لكن تذكروا إن الجزاء الحسن يكون للمتقين الصالحين والله يتقبل توبة عباده ويغفر لمن أناب وتاب بقلب سليم 

لكن لو أردنا أن نقارن ما بين سلوك قابيل و هابيل بالنسبة الى الملحدين أعتقد لعدم توفر قوانين في الإلحاد سوف يقتلان بعضهما البعض لا محالة وبحب اعتمد دائماً بكلامي على نظرية تشارلز داروين في نظريته
قانون الإلحاد الوحيد قانون حكم الغابات قانون للحيوانات فقط :
(( الصراع من أجل البقاء - والبقاء للأقوى أي للأنسب ))
إن عدم توفر قانون في الإلحاد لحفظ الحقوق ووضع ضوابط تهذب النفس البشرية وترشدها بشكل سليم وإنساني سينفي وجود عقاب وجزاء مما يسهل على المجتمع استخدام الشر دائماً وفي كل وقت ولا يوجد داعي لإستخدام الخير طالما ان الإلحاد لا يوفر قانون واحد على الأقل لحفظ الحقوق أو ليردعهم من استخدام الشر بشكل سلبي عزيزي الملحد طالما ان كل شيء متاح ومباح لك فهذه لا تعد حرية لإنك تتعدا على حرية الأخرين ولا يوجد قانون يمنعك من عدم التعدي عليهم أو يقتص منك حقوقهم إن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الأخرين


لن تعرف معنى الحرية إن لم تتعرف على الإسلام

سوف أختتم جواب سؤالي الذي طرحته قبل قليل
من خلال المثال التالي وأتمنى برجاء أن نستخدم عقولنا ونتفكر ونتأمل قبل أن نتسرع بطرح فلسفة عمياء وندعي ان الله شرير كما يدعي ويتغابا الملحدين

لنراجع صفحات التاريخ ولننظر في لحظة اسقاط القنبلة الذرية على هيروشيما إن الطيار الكولونيل بول تيبيتس كان مخير وليس مجبر على أن يلقي تلك القنبلة حتى لو كان تحت ضغوطات عسكرية كواجب عليه أن ينفذه وينصاع لأوامر قادته كان بإمكانه على الأقل اللجوء السياسي الى أي بلد أخر غير بلده لحمايته والعمل على تفكيك تلك القنبلة وتدميرها بشكل سليم بدلاً من أن يتسبب

بقتل أكثر من 80,000 شخص ويتسببا بجرح 90,000 آخرون وابقاء عشرات الآلاف بدون مأوى كان بإمكانه أن يفعل كما فعل بعض الطيارين في ليبيا أثناء الحرب في ليبيا لم ينصاعوا الى أوامر قادتهم ورفضوا أوامرهم ولجؤا لجوء سياسي وإنساني الى دول اخرى وقامت تلك الدول بحمايتهم حتى على مستوى الطيارين المحاربين في سوريا العديد منهم انشق عن جيش النظام الأسدي حتى لا يتسببوا بقتل الأرواح البشرية

أنا لا أريد الخوض بجدال بإمور سياسية وإنما اردت ان استدل على ان الانسان مخير وليس مسير رغماً عنه جميعنا نمتلك حرية اختيار القرار في اللحظة الحاسمة ما بين الخير والشر وليس الشرير هو من استخدم الشر بشكل سلبي فقط وإنما أيضاً من يحرض على ارتكاب الشر
لقد نسب الشر في الجريمة الإرهابية التي ارتكبها الطيار الكولونيل بول تيبيتس 
اليه وحده فقط لكننا نتجاهل ونغظ النظر عن محرضه الأساسي وهو الرئيس الامريكي ترومان القاتل الحقيقي الذي أعطى الضوء الأخضر لإسقاط القنبلة الذرية على سكان هيروشيما


وفي الختام
اشكركم على حسن المتابعة وسامحوني على الإطالة واسأل الله أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعله في ميزان حسناتي صدقة جارية وأن يسعدني وأياكم كما يسعد الشهيد برفقة أهله في الجنة وأن يجعلنا ممن يتركون أثراً طيباً خلفهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق